5563a6419a2a92760ed846a904a7effc

أسواق الخليج تحت المجهر: تباين الأداء بين مكاسب البنوك وضغوط التجارة والنفط

أسواق الخليج تحت المجهر: تباين الأداء بين مكاسب البنوك وضغوط التجارة والنفط

أسواق الخليج تحت المجهر: تباين الأداء بين مكاسب البنوك وضغوط التجارة والنفط

تشهد أسواق المال الخليجية هذه الأيام حالة من الترقب والتذبذب، في وقت يتفاعل فيه المستثمرون مع سلسلة من المتغيرات الاقتصادية والتجارية، بدءًا من نتائج أرباح الشركات، وصولاً إلى التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وقد أظهرت البيانات الأخيرة أن حجم التداول اليومي في الأسواق الرئيسية قد انخفض بنسبة 15% خلال الأسبوع الماضي، مما يعكس حالة الحذر السائدة.

رغم المكاسب التي سجلها قطاع البنوك في بعض الأسواق، لا تزال حالة الحذر تُخيّم على المتعاملين، خاصة مع اقتراب مواعيد قرارات حاسمة تتعلق بالرسوم الجمركية الأميركية وتأثير العقوبات الأوروبية على روسيا، وهو ما يُعيد رسم خريطة التوقعات للأسواق الخليجية خلال النصف الثاني من عام 2025.

المملكة العربية السعودية: البنوك تعزز المؤشر العام

بدأت السوق المالية السعودية (تداول) الأسبوع بأداء إيجابي، حيث ارتفع المؤشر العام بنسبة 0.2%، واضعًا حدًا لسلسلة خسائر دامت تسعة أيام متتالية. هذا الارتفاع، وإن كان طفيفًا، يمثل نقطة تحول بعد خسائر تراكمية بلغت 3.5% في الأيام التسعة السابقة.

جاء هذا الانتعاش مدفوعًا بالمكاسب التي حققها مصرف الراجحي بنسبة 1.6% والبنك الأهلي السعودي بنسبة 1.2%، وذلك بعد إعلان كلا البنكين عن نمو أرباحهما الفصلية. فقد أعلن مصرف الراجحي عن نمو في صافي الأرباح بنسبة 8% للربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالعام الماضي، بينما سجل البنك الأهلي السعودي زيادة بنسبة 6.5% في أرباحه الفصلية. هذه النتائج القوية زادت من تفاؤل المستثمرين بشأن أداء القطاع المالي.

وفي سياق متصل، أعلن بنك الرياض عن توزيع أرباح نقدية بنسبة 8.5% عن النصف الأول من العام، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في الاستقرار المالي للقطاع البنكي، الذي يشكل ما يقرب من 40% من القيمة السوقية لتداول.

صرّح أسامة الصيفي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "تريز"، بأن "نتائج البنوك كانت محفّزًا قويًا للأسواق، وإذا استمرت هذه النتائج الإيجابية، فقد نشهد موجة صعود أوسع خلال الأسابيع المقبلة."

دبي: جني الأرباح يضغط على السوق

في المقابل، تراجع مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 0.8%، متأثرًا بانخفاض حاد في سهم بنك الإمارات دبي الوطني بنسبة 3.7%. وقد شهد السهم تداولًا بأكثر من ضعفي متوسط حجم التداول اليومي، مما يشير إلى عمليات بيع مكثفة.

ويرى المحللون أن هذه الخسائر تعود إلى عمليات جني الأرباح التي قام بها المستثمرون بعد موجة صعود استمرت لأسابيع، حيث ارتفع المؤشر بنسبة 7% خلال الشهر الماضي. تزامن هذا مع ترقب نتائج الشركات الكبرى، حيث من المتوقع أن تعلن 70% من الشركات المدرجة عن نتائجها خلال الأسبوعين المقبلين.

ويضيف الصيفي: "القطاع المالي في دبي شهد ضغطًا ملحوظًا، لكن هذا لا يعكس بالضرورة تراجعًا في الثقة، بل هو تحرك طبيعي بعد فترة من الزخم القوي."

العربية للطيران: انطلاقة جديدة نحو السماء

في خبر لافت، سجل سهم العربية للطيران قفزة بنسبة 4.8%، ليصل إلى مستوى قياسي جديد عند 3.20 درهم للسهم الواحد، بعد إعلان الشركة عن تلقيها عرضًا رسميًا لتشغيل شركة وطنية سعودية منخفضة التكلفة، من المخطط أن تبدأ نشاطها بحلول عام 2030.

هذا التطور يعكس توجه دول الخليج لتنويع قطاع النقل الجوي ودعم مشاريع الخصخصة والتوسع، ما يفتح آفاقًا جديدة للنمو في قطاع الطيران منخفض التكلفة، الذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 15% سنوياً في المنطقة حتى عام 2035.

أبوظبي وقطر: أداء متوازن وسط تقلبات النفط

في أبوظبي، تراجع المؤشر العام بنسبة 0.2%، مع تداولات محدودة تأثرت بضعف الاتجاه الصعودي في بعض الأسهم القيادية. وقد بلغ حجم التداول في سوق أبوظبي للأوراق المالية 500 مليون درهم، وهو أقل من المتوسط اليومي.

أما السوق القطرية، فقد سجلت مكاسب بنسبة 0.7%، مدفوعة بصعود سهم بنك قطر الوطني بنسبة 1.5%، وسط أداء مالي قوي وتوقعات إيجابية لنمو القطاع المصرفي في البلاد، حيث تجاوزت أرباح البنوك القطرية التوقعات بنسبة 4% في الربع الأخير.

أسواق الخليج الأخرى: مكاسب في سلطنة عمان، وتراجع في البحرين

مؤشر سلطنة عمان كان الأكثر ارتفاعًا في المنطقة بنسبة 1.5%، بفضل نشاط قوي في قطاعي الصناعة والخدمات، مسجلاً أعلى إغلاق له في ثلاثة أشهر.

أما مؤشر الكويت فارتفع بنسبة 0.1%، محققًا استقرارًا نسبيًا وسط تداولات حذرة، مع حجم تداول لم يتجاوز 40 مليون دينار كويتي.

في المقابل، تراجع مؤشر البحرين بنسبة 0.3%، متأثرًا بأداء ضعيف لعدد من الأسهم القيادية، حيث انخفضت أسهم الشركات المالية الكبرى بنسبة 0.5% في المتوسط.

تأثير أسعار النفط والسياسة التجارية على الأسواق

تراجعت أسعار النفط بشكل طفيف، حيث انخفض سعر خام برنت إلى 82 دولارًا للبرميل، بعد أن أوضحت تقارير دولية أن العقوبات الأوروبية الجديدة على النفط الروسي قد لا تُحدث تأثيرًا كبيرًا على الإمدادات. ومع ذلك، لا تزال الرسوم الجمركية الأميركية المحتملة، والتي قد تصل إلى 25% على بعض السلع الأوروبية، تشكل عامل ضغط على توقعات الطلب العالمي.

ويتوقع الخبراء أن أي تصعيد في السياسة التجارية بين واشنطن وبروكسل سيؤدي إلى مزيد من التذبذب في الأسواق الخليجية، لا سيما تلك التي تعتمد بشكل مباشر على حركة الصادرات والنفط، حيث تشكل صادرات النفط والغاز أكثر من 60% من إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي.

مصر: المؤشر القيادي يسجل قمة تاريخية

خارج منطقة الخليج، أغلق مؤشر الأسهم القيادية في البورصة المصرية على ارتفاع بنسبة 0.2%، مسجلًا أعلى مستوى له على الإطلاق عند 28,500 نقطة.

هذا الأداء يعكس ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في استقرار الاقتصاد المصري، رغم التحديات التضخمية والسياسات النقدية المشددة، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر 10 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2025.

نظرة تحليلية ختامية

في ظل حالة عدم اليقين العالمية، تواصل أسواق الخليج تقديم أداء متباين يعكس تفاعلها مع العوامل المحلية والإقليمية والعالمية.

من جهة، تدعم نتائج الشركات الإيجابية وبخاصة في القطاع المصرفي معنويات المستثمرين، حيث ارتفعت أرباح البنوك الخليجية مجتمعة بنسبة 7.2% في الربع الثاني من عام 2025. ومن جهة أخرى، تثير التوترات التجارية وتقلبات أسعار النفط القلق بشأن مستقبل النمو والاستقرار، مع توقعات بنمو اقتصادي إقليمي يتباطأ إلى 3.5% هذا العام من 4.2% العام الماضي.

المستثمرون بحاجة إلى مراقبة دقيقة للمتغيرات القادمة، لا سيما التطورات المرتبطة بالرسوم الجمركية الأميركية، ونتائج الربع الثاني للقطاعات غير النفطية، لضمان اتخاذ قرارات مالية مدروسة.